الأهلي- بين غيرة مدرب ألماني وشعار يرفضه الجمهور

المؤلف: ماجد الفهمي09.12.2025
الأهلي- بين غيرة مدرب ألماني وشعار يرفضه الجمهور

تفانى الجمهور الأهلاوي في دعمه لمدرب الفريق الألماني ماتياس ياسله خلال شهر يناير الماضي، مؤكدين رغبتهم الصادقة في استمراره على رأس القيادة الفنية. وقد كان لذلك بالغ الأثر على المدرب الألماني، حيث تجسدت فيه روح الانتماء وتقدير المسؤولية، فتوثقت علاقته باللاعبين، وأكد لهم أن هذا الجمهور يستحق الفرحة بأغلى البطولات، فعكف على عزل الفريق وتوجيه كامل تركيزه نحو تحقيق الأهداف المنشودة. هذا الإحساس العميق بالمسؤولية تجاه الجماهير الوفية التي وثقت به كان الدافع الأكبر له لتحقيق الإنجازات الكبرى والتأهل إلى المحافل العالمية المرموقة. لقد أدهشني حقاً هذا المدرب "الألماني" بغيرته وتفانيه من أجل هذا النادي العريق، وكأنه أحد مؤسسيه الأوائل! كان يحرص بشدة على عدم إهدار موارد النادي، وحتى طلباته كانت محكومة بالحرص الشديد على مصلحة النادي. لكن ما أثار استغرابي الشديد هو أن بعض "السعوديين" العاملين في النادي لم يبدوا نفس القدر من الإحساس بالمسؤولية تجاه النادي وجماهيره العظيمة. ولا عجب في ذلك، فالكثير من أصحاب القرار ليسوا من أبناء هذا الكيان العريق. فمن لا يحمل في قلبه ميولاً وولاءً لهذه القلعة الخضراء، لن يكون إخلاصه كاملاً وصادقاً. وفي سياق متصل، ثارت ثائرة جمهور الأهلي الغيور بعد حديثي عبر قناة الإخبارية حول الشعار الجديد المقترح للنادي، وذلك في مقطع لم يتجاوز بضع ثوانٍ. فقد أطلق الجمهور موجة من الاستياء العارم والرفض القاطع للشعار الجديد، مطالبين بالإبقاء على العناصر الرئيسية الأربعة التي تمثل هوية النادي. والعجيب في الأمر أن شعار النادي يمثل هويته التاريخية العريقة على مدى تسعين عاماً، وقد تغير شكله عدة مرات، ولكن جوهره ومضمونه بقي ثابتاً بفضل عناصره الأساسية الراسخة. لذلك، يحق لنا أن نتساءل عن المسؤول الأول عن تصميم هذا الشعار الجديد الباهت الذي يوحي بشعارات زراعية لا علاقة لها بالرياضة! كما أن الشعار تضمن لفظ كلمة "جدة"، مما يخلق نوعاً من الازدواجية مع مسمى نادي جدة الآخر. فكيف لم ينتبهوا لذلك؟! وحيث إن شعار النادي يمثل الوجه الحضاري للنادي منذ تسعة عقود، وقد تطور تدريجياً عبر الزمن دون المساس بعناصره الأساسية المتواجدة فيه، وهي: ألوان الشعار الزاهية، والإطار الخارجي (الدرع)، والكأس (ترسيخاً لمكانة النادي كقلعة الكؤوس)، والسيفان والنخلة (كونه أول نادٍ تأسس بعد توحيد المملكة العربية السعودية واعتماد شعارها العام)، فإنه من الضروري الحفاظ على هذه العناصر الأساسية التي تمثل جزءاً أصيلاً من تاريخ النادي العريق. وبناءً على ذلك، أين كان موقع أعضاء لجنة توثيق البطولات من عملية تصميم الشعار الجديد؟ ولماذا لم يتم الرجوع إليهم للاستفادة من خبراتهم ومعرفتهم بتاريخ النادي؟ هذا التباعد المؤسف بين الإدارة ولجنة التوثيق والإرث التاريخي بالنادي قد أفضى إلى ظهور شعار مرفوض جماهيرياً، بل وسخرت منه الجماهير الأخرى، ووصفته بأنه شعار بدائي لا يرتقي إلى مستوى العصر الحالي. إن الانفراد باتخاذ القرارات الجوهرية والمحورية في الأندية الجماهيرية الكبيرة ليس عملاً احترافياً بأي حال من الأحوال، وينم عن أشخاص لا يحملون الولاء الصادق لهذه الكيانات العريقة. ولأن إدارة النادي لم تقدر عمل اللجنة ولم تسلط الضوء على جهودها ولم تروج للكتاب التاريخي الذي أصدرته ولم تهتم بالمنتج القيم الذي قدمته، ولم تحتفِ به رغم أنها لجنة مكلفة رسمياً، مع العلم بأن من قام بتوثيق تسعة دوريات للنادي الأهلي لدى المرجعية المختصة هو أحد أعضاء اللجنة والممثل الرسمي للنادي ومؤرخه المعتمد! لهذا، أوصي بشدة بإنشاء إدارة للإرث والتاريخ بالنادي الأهلي، تتولى مسؤولية الحفاظ على كافة المكتسبات التاريخية التي تحققت عبر مسيرة هذا النادي الملكي العريق. فاصلة منقوطة؛ الشعارات تحمل معاني عميقة تعبر عن المواقف والتجارب التي مر بها الكيان، ولها تأثير بالغ على أرواحنا، وتؤثر بنا إيجابياً، وتخلق ارتباطاً روحياً وثيقاً بين القلعة الخضراء وكل من ينتمي إليها. أرجوكم من أعماق قلبي.. لقد تعب الأهلاويون وعانوا كثيراً.. فلا تكسروا أفراحهم وتطلعاتهم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة